الذكاء العالي يجعلك غريبًا، لا عبقريًا

لو سألتني: “من أكثر شخص ذكاءً في تاريخ البشرية؟”، فالإجابة المحتملة قد تكون مارلين فوس سافانت، أو كريستوفر لانغان، أو ويليام جيمس سيديس. مارلين فوس سافانت مجرد فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات من ولاية ميزوري. في عام 1956، خضعت لنسخة من اختبار ستانفورد-بينيه وسجلت عمرًا عقليًا يعادل 22 عامًا و10 أشهر، أي ما يعادل معدل ذكاء يفوق 220 وهو اعلى رقم مسجل في هذا العمر. لم تحقق مارلين اكتشافات علمية كبرى أو تبتكر عملاً فنيًا . حاولت دراسة الفلسفة لكنها لم تكمل دراستها.

في عام 1985، نشرت موسوعة غينيس معدل ذكائها، بفضل هذا النشر، أصبحت مارلين مشهورة بكتب وأعمدة نصائح مثل عمودها في مجلة “باريد”، وألّفت كتبًا مثل “بناء الدماغ في 12 أسبوعًا فقط”. تميزت بطرح ألغاز منطقية، وواجهت انتقادات لاذعة لكنها بقيت صامدة. هكذا تحوّلت من ربة منزل عادية إلى “عبقرية” فقط لأن هذا اللقب أُلصق بها.

في المقابل قد يعاني الأذكياء من عزلة نفسية وصراعات داخلية، فهم يدركون ما لا يدركه غيرهم، ويجدون صعوبة في التفاهم مع محيطهم. وكما قال الشاعر:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله… وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
فمن يملك العقل الراجح قد يشقى بأفكاره وتحليلاته العميقة، في حين يعيش الجاهل في راحة بال رغم صعوبات الحياة. هذا يبرز التحدي الحقيقي: أن تكون ذكيًا في عالم لا يفهمك أو لا يقدّر ما تحمله من رؤى، مما يترك الكثيرين في صمتٍ مرير وتيه دائم.

دا يخلينا نرجع نفكر في مفهومنا عن الذكاء والإنجاز: هل الذكاء لوحده كافي لتحقيق الإنجاز؟ الواقع بيقول لا. الذكاء عامل مهم، لكنه مش كافي لوحده. الإنجاز بيتطلب حاجات تانية زي الإصرار، الشغف، القدرة على العمل الجماعي، وحتى الحظ. في النهاية، العبقرية مش بس أرقام… هي منظومة من العمل والتفكير والظروف اللي بتكمل بعضها.

Post Your Comment Here