إصلاح النفس أوجب من إصلاح الذرية

أنا غير متدين أريد أن أعرف كيف أربي أولادي على التدين، أنا لا أعرف الكثير عن ديني لكن أريد أن يعرف أولادي الكثير عنه، أنا لا أستطيع قراءة القرآن قراءة صحيحة لكن أريد أن يحفظ أولادي القرآن كاملا … إلخ

عبارات كثيرة من هذه النوعية نسمعها من آباء وأمهات في العشرينات والثلاثينات من عمرهم، فما بالك بمن هم أكبر!

تنبع من اعتقاد (مريح جدا) هو أننا فاتنا القطار – وهم في أول محطاته أصلا – فنحن غير مطالبين بإصلاح أنفسنا وتطويرها -في الدين – ولكن فلنحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه للجيل التالي، و(يلا بقى هناخد زماننا – اللي لسه في أوله أو نصه – وزمان غيرنا)!

ومن الخطأ في رأيي أن يكون التعقيب على هذا الكلام بتذكير المتكلم أن أهم ما في التربية هو القدوة، فالمشكلة أكبر من هذا، إذ أن إصلاح النفس أصلا أوجب من إصلاح الذرية وأولى وأسبق في الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6))

أنفسكم وأهليكم، واجبان لا يسقط أحدهما الآخر.

فطريق الإصلاح والهداية يقف على أحد جانبيه أناس اهتموا بإصلاح أنفسهم وأهملوا أهليهم وأولادهم، وعلى الجانب الآخر يقف من أتكلم عنهم الآن ممن يريدون تخطي أنفسهم ليصنعوا من أولادهم – بزعمهم – هداة مهتدين دون أن يسعوا إلى تحقيق هذا لأنفسهم، فيسألون عن كتب يعرفون منها كيف يحققون هذا لأولادهم دون أنفسهم ويسألون عن معلمين وعن محفظين ليقوموا بالدور بدلا منهم، ويحسبون أنهم على شيء!!

يقفون جميعا على جانبي الطريق، والطريق منهم خال.

وأكرر، يصدر هذا من آباء وأمهات في العشرينات والثلاثينات والأربعينات من عمرهم! تجدهم في العمل وفي جني المال والمكانة الاجتماعية يتعاملون مع حياتهم كأنها بالكاد تبدأ ويفكرون لسنوات كثيرة قادمة، ولكن في أمور الآخرة وفي هموم الأمة والدين يتعاملون وكأنهم تجاوزوا المائة عام وأنهم أعجز من أن يفعلوا شيئا لأنفسهم.

فياليتنا نفيق جميعا ونعلم أولوياتنا بصدق وحق، وندرك أن الهروب من الواجب يؤدي إلى الهلاك وأن ما تحاول خداع نفسك ومن ينصحونك به لن يفيدك وقت الحساب الحقيقي، كما أنه غالبا لن يحقق لك ما تريد في أولادك أيضا، هذا إن كنت تريده فعلا.

2 Replies to “إصلاح النفس أوجب من إصلاح الذرية”

Mahmoud Khallaf

March 1, 2021 at 4:11 am

احسنت توضيحا اثابكم الله من فضله

    adminuser

    March 2, 2021 at 4:09 am

    وجزاك الله خير

Post Your Comment Here